هل نفكر بالذكاء الاصطناعي أم يفكر عنا؟

View in browser 

هل نفكر بالذكاء الاصطناعي أم يفكر عنا؟ 

«سألتُ الطلبة ذات يوم: ماذا ستفعلون في حال انقطع الإنترنت ليوم كامل؟ فجاءت إحدى الإجابات مسرعة مازحة -ولكن ربما تحمل الكثير من الحقيقة- «سنخلد إلى النوم». ولم يكن بوسعي إلا أن أتوقف كثيرًا عند هذه الإجابة». (سمية الحاج، «تشات جي بي تي» في الجامعة).

ليس جديدًا أن نرتبك كبشر عند حصول تطوّر تقني ما، وأن نحتاج وقتًا كي نتكيّف مع التغيرات التي تُحدثها تلك التطورات في حياتنا. حصل هذا عند اختراع الراديو، ومن ثم التلفزيون، وبعدها الإنترنت. ارتباك عبّرنا عنه بأسئلة حول أثر هذه التقنيات الجديدة على العمل والإنتاجية والتعلّم والأخلاق والأسرة.

ومع الثورة الحاصلة في الذكاء الاصطناعي، وتجلّيه الأقرب من تفاعلاتنا اليومية؛ نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، والذي يُعبّر عنه بتطبيقات مثل تشات جي بي تي وديب سيك وغيرها، باتت هذه الأسئلة أكثر حدّة وغزارة.

في هذه النشرة البريدية، نستعيد معكم ثلاثة مقالات نشرناها في حبر مؤخرًا، نتأمل فيها بعض عددًا من الأسئلة التي أوجبت طرحها نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، واستعمالاتها في حياتنا؛ من الغرف الصفية، إلى إسهامها في تعاملنا مع مشاكل حياتية ونفسية تواجهنا، وصولًا إلى أثرها على تفكيرنا والمهارات العقلية التي اعتدنا التعامل معها دومًا على أنها من ثوابت حياتنا.

طبطبة رقمية: الذكاء الاصطناعي بديلًا عن العلاج النفسي؟

عبير جوان

بعد موجة الدهشة الأولى عند التعامل مع بوتات الذكاء الاصطناعي، والإعجاب بمهاراته في كتابة ردود على الإيميلات التي تثقل كاهل البريد الإلكتروني، وإنشاء نصوص أجمل من تلك التي كنّا لنكتبها للنشر على منصة لينكد إن، انتبه الكثيرون حول العالم إلى أن هذه البوتات يمكن لها كذلك أن تكون معينًا لنا على التعامل مع المشاكل التي تواجهنا في الحياة. في بعض الأحيان تكون بمثابة صديق يستمع جيدًا، وفي أحيان أخرى يمكن لها أن تتحوّل لتقديم العلاج النفسي.

في هذا التقرير، قابلنا ثلاثة شبان يعيشون في الأردن، ولديهم تجارب متفاوتة في التعامل مع هذه البوتات، البعض استخدمها لأغراض الدعم النفسي والطبطبة، وآخرون ذهبوا بها لمكان أبعد، فشكّلت لهم مساحة آمنة يتلقون فيها شكلًا من أشكال العلاج النفسي، وأحيانًا بديلًا عن المعالجين، أو بالتوازي معهم. وخلال تعرّفنا إلى هذه القصص، نستمع إلى آراء مجموعة من الأطباء النفسيين، الذين لا يرفضون الفكرة أبدًا، وإنما يقدمون عرضًا لإمكانياتها، وللمساحات التي يمكن لها أن تقدم فيها مساعدة، وللمساحات التي لا يجب عليها الاقتراب منها.

تشات جي بي تي في الجامعة: الذكاء الاصطناعي وأزمة التفكير في التعليم

سمية الحاج 

تعمل سمية منذ حوالي 15 عامًا مدرّسة جامعية للأدب. وخلال هذه السنوات، تغيّر العالم بشكل هائل، وتغيّر معه الطلاب، وشكل تلقيهم للمعرفة، ودور التقنية في العملية التعليمية. تقول سمية إن الطلاب في بداية تدريسها كانوا يلجؤون عادة لمحرّكات البحث طلبًا لمعلومة ما، أو للمقارنة بين وجهات نظر مختلفة، وهو ما كان يعني أن على الطلبة، ما لم يكونوا قد قرّروا عدم الحاجة للدراسة أبدًا، أن يُعمِلوا قدرًا من التفكير النقدي فيما يتعاملون معه عبر الإنترنت. 

لكن هذا الوضع اختلف مؤخرًا تقول سمية، إذ ومع انتشار بوتات الذكاء الاصطناعي، باتت حتى الأوراق العلمية على بعد كبسة زرّ من الطالب، وهو ما يعني أنه لم يعد عليه التفكير مطولًا، فضلًا عن إعمال العقل النقدي. فما الذي يعنيه هذا النوع من «التعلم» بالنسبة للطلاب، وتحديدًا لطلبة العلوم الإنسانية، وكيف تتعامل معه الجامعات، وما الطرق التي يمكن عبرها لعناصر العملية التعليمية أن يتفاعلوا مع أدوات الذكاء الاصطناعي دون أن يخسروا مهارة رئيسة وهي التفكير.


هل تفكر الهواتف معنا أم بدلًا منّا؟

سيليا فورد، ترجمة بندلي العيسى

يقول الروائي والشاعر السوري ممدوح عدوان: «نحن لا نتعود يا أبي إلّا إذا مات شيء فينا». حسنًا هذه مقولة لا علاقة لها بالذكاء الاصطناعي، ولكن ربما يكون من المجدي أن نفكر في معنى التعوّد على شيء ما؛ في الأشياء التي نكسبها مما نستخدمه، وفي الأشياء التي يحتمل أن نخسرها.

يناقش هذا المقال فكرة أساسية، وهي أنه وفي زمن انفجار التكنولوجيا، واعتمادنا الهائل على التقنية، وتحديدًا على الحاسوب الصغير الذي عادة ما يكون أوّل ما نلمسه صباحًا، وآخر ما نراه مساء، حتى بات امتدادًا لأجسادنا، هل من السليم القول إننا بتنا نفوّض جزءًا من عقولنا له؟ وهنا ليس الحديث حول مسألة تلقينا الأخبار والمعلومات بشكل مستمر من الهاتف فقط، وإنما الحديث عن تعطيلنا لبعض المهارات التي كنا نفكر ونتعامل معها على أنها ثابتة فينا، من منّّا يتذكر خمسة أرقام هاتف لأصدقائه وعائلته، ومتى كانت آخر مرّة أجرينا فيها عملية حسابية دون الاستعانة بتطبيق الآلة الحاسبة على الموبايل، أو مؤخرًا دون الاستعانة بتشات جي بي تي؟

حسنًا، من الواضح أننا نعتمد على هذه الشاشة أكثر وأكثر، ولكن هذا ليس سيئًا أبدًا، طالما وكما يقول هذا المقال: سمحنا للاجهزة أن تفكّر معنا، بدل أن تفكّر عنا.

لكن كيف يكون هذا التفكير، وما هي المهارات التي يمكن أن نقبل بتفويضها للأجهزة وما هي تلك التي ربما نخسر الكثير في حال تخلّينا عنها؟


نبحث، نسأل، نروي، ونسعى لفهم العالم من حولنا.
صحافة معمقة، من الأردن.

تصلك هذه الرسائل بناء على اشتراكك بالنشرة البريدية لمجلة حبر.

إلغاء الاشتراك | تحديث التفضيلات

تعليقات