حرب ومناخ وتاريخ منسي: مختارات من معرض عمّان للكتاب

View in browser 

حرب ومناخ وتاريخ منسي: مختارات من معرض عمّان للكتاب


مع كلّ ما حصل ويحصل في المنطقة والعالم على مدى العامين الفائتين، تغيّر فينا الكثير. بتنا رغمًا عنّا -أحيانًا- أسرى الأخبار التي تلاحقنا ونلاحقها على شاشات التلفزيون، وعلى شاشات هواتفنا، وفي أحاديثنا اليومية في الشارع ومع الأصدقاء وفي البيت. ومع هذا الزخم المستمرّ تغيّرت بعض عاداتنا الأثيرة مثل قراءة الكتب، تلك القراءة المتعمّقة بغرض الوصول إلى معرفة لا تبنى على الخبر الآني، ولا على ما تتداوله الصحف وقنوات التلفزة، وإنما على قراءة تدرسُ ما يحصل بتأنٍ، مع إمكانية للتأمل والتفكر والمقارنة.

بمناسبة معرض عمّان الدولي للكتاب، والذي انطلقت فعالياته نهاية الأسبوع الفائت، ويستمرّ حتى الرابع من تشرين الأول القادم، طلبنا من عدد من كتاب وكاتبات حبر أن يقترحوا عناوين بعض الكتب التي سيشترونها من معرض الكتاب. قصدنا في القائمة أن تكون الكتب منوّعة تشمل تاريخ الأردن والمنطقة، والحرب على غزّة، والتغيّر المناخي، ويجمع بينها أنها تساعدنا في محاولة فهم التحولات الراهنة في العالم بشكل أعمق.

وفي حال كنتم تودون شراء كتب لأطفالكم، فنشجّعكم على الاطلاع على هذه القائمة التي أعدتها الزميلة روان بيبرس لكتب أطفال تناسب أعمار مختلفة.

حرب ومناخ وتاريخ منسي: مختارات من معرض عمّان للكتاب

كتاب وكاتبات حبر


للحرب وجه آخر: ميراث الاستعمار، مسار الرأسمالية، خراب الكوكب

المؤلف: أميتاڤ غوش، المترجم: إيمان معروف


«ما يصعب تخيّله أكثر من نهاية العالم، هو تخيّل نهاية الهيمنة الجيوسياسية المطلقة للغرب».

يقدّم أميتاف غوش في هذا الكتاب طرحًا فريدًا لأزمة تغيّر المناخ، باعتباره امتدادًا مباشرًا للإرث الاستعماري والاستيطاني الغربي، وما أسّسه من علاقات قائمة على العنف والنهب الممنهجيْن، وعلى تدمير الإنسان والطبيعة، وشرعنة استغلال الأرض والكائنات باعتبارها موارد مسخّرة لخدمة القوى المهيمنة. بهذا يتجاوز غوش التفسيرات التي تحصر الأزمة البيئية في حدود الرأسمالية الصناعية أو في المسائل التقنية المباشرة، ليضعها ضمن سياق أشمل، بوصفها مسألة عدالة ومساواة تتعلق بذاكرة الشعوب ومصيرها المشترك.

يناقش غوش في الكتاب عددًا من القضايا المترابطة؛ كالجغرافيا السياسية للمناخ، والتفاوتات الطبقية ومسألة العدالة الاجتماعيّة والبيئية، وقضايا الهجرة واللاجئين كأثر لأزمة المناخ، وعلاقة الوقود الأحفوري بالمؤسسة العسكرية وتمويلها الهائل، وأثر اختلال التوازنات البيئية على انتشار الأوبئة، وغيرها من الإشكاليات العالمية المعاصرة المتصلة بالبيئة. وقد ابتعد الكتاب بطرحه لحلّ هذه المشكلات عن الحلول التقنيّة، واستبدلها بأطروحات حول إعادة إحياء المعارف الأصليّة للشعوب، وإعادة العلاقة بالأرض والروح والحياة، وبحركات المقاومة البيئيّة.

قد نختلف أو نتفق مع كثير ممّا يطرحه الكتاب، خاصة فيما يتعلّق بالحلول المقترحة وإمكانيّة تحقيقها، لكن المتّفق عليه أن هذا العمل يتمايز عن كثير من مؤلفات مسألة المناخ، بأنّه نص يقدم قراءة أدبية ممتعة، تذكّرك بأنه لا يمكن لنا مواجهة وفهم أزماتنا المعاصرة دون تفكيك جذورها التاريخية والجيوسياسية، وتأكيد الحاجة إلى رؤية شمولية تجعل من العدالة والمساواة عناصر أساسية في أي حل مستدام.


عصر التعايش: الإطار المسكوني وصناعة العالم العربي الحديث

المؤلف: أسامة مقدسي، المترجم: علاء بريك


يقدّم المؤرخ أسامة مقدسي في كتابه «عصر التعايش: الإطار المسكوني وصناعة العالم العربي الحديث» إعادة قراءة لتاريخ المنطقة الحديث من زاوية مغايرة للسرديات الشائعة عن الطائفية والصراع. فالكتاب، الصادر أولًا بالإنجليزية عام 2019، يتتبع تشكّل ما يسميه «الإطار المسكوني»؛ أي الفضاء الذي أتاح، رغم الصراعات السياسية والحروب الإمبراطورية، إمكانيات حقيقية للتعايش بين المكونات الدينية والإثنية في المشرق العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

لا ينفي مقدسي وجود العنف الطائفي أو الصدامات، لكنه يضعها في سياق أوسع، مبيّنًا كيف نشأت، إلى جانب هذه التوترات، مشاريع فكرية وسياسية سعت إلى صياغة هوية وطنية جامعة، وتجاوزت الانقسامات الدينية الضيقة. عبر فصول الكتاب، نقرأ عن تجارب معيشية وتاريخية جمعت المسلمين والمسيحيين واليهود في منطقة المشرق العربي في ظل الإمبراطورية العثمانية، ثم خلال فترة الاستعمار الأوروبي، وصولًا إلى النكبة وما بعدها. وفي كل محطة، يلحّ المؤلف على ضرورة استعادة لحظات «العيش المشترك» بوصفها جزءًا أصيلًا من تاريخ المنطقة، لا استثناءً عابرًا.

أهمية الكتاب اليوم مضاعفة، فمن جهة، يقدّم تفكيكًا علميًا لمفهوم «الطائفية» بوصفه خطابًا حداثيًا ارتبط بمشاريع الهيمنة الاستعمارية بقدر ما ارتبط بأزمات الداخل. ومن جهة أخرى، يذكّرنا بأن التاريخ العربي الحديث لم يكن حتمًا مسرحًا للانقسام، بل عرف محاولات جادة لتأسيس فضاء مواطنة ومساواة. بذلك، يشكّل «عصر التعايش» إسهامًا مهمًا في النقاش الدائر حول معنى العيش المشترك ومستقبله في عالمنا العربي بعد الحروب والانقسامات الراهنة.


نبحث، نسأل، نروي، ونسعى لفهم العالم من حولنا.
صحافة معمقة، من الأردن.

تصلك هذه الرسائل بناء على اشتراكك بالنشرة البريدية لمجلة حبر.

إلغاء الاشتراك | تحديث التفضيلات

تعليقات