المؤلف: أميتاڤ غوش، المترجم: إيمان معروف
«ما يصعب تخيّله أكثر من نهاية العالم، هو تخيّل نهاية الهيمنة الجيوسياسية المطلقة للغرب». يقدّم أميتاف غوش في هذا الكتاب طرحًا فريدًا لأزمة تغيّر المناخ، باعتباره امتدادًا مباشرًا للإرث الاستعماري والاستيطاني الغربي، وما أسّسه من علاقات قائمة على العنف والنهب الممنهجيْن، وعلى تدمير الإنسان والطبيعة، وشرعنة استغلال الأرض والكائنات باعتبارها موارد مسخّرة لخدمة القوى المهيمنة. بهذا يتجاوز غوش التفسيرات التي تحصر الأزمة البيئية في حدود الرأسمالية الصناعية أو في المسائل التقنية المباشرة، ليضعها ضمن سياق أشمل، بوصفها مسألة عدالة ومساواة تتعلق بذاكرة الشعوب ومصيرها المشترك. يناقش غوش في الكتاب عددًا من القضايا المترابطة؛ كالجغرافيا السياسية للمناخ، والتفاوتات الطبقية ومسألة العدالة الاجتماعيّة والبيئية، وقضايا الهجرة واللاجئين كأثر لأزمة المناخ، وعلاقة الوقود الأحفوري بالمؤسسة العسكرية وتمويلها الهائل، وأثر اختلال التوازنات البيئية على انتشار الأوبئة، وغيرها من الإشكاليات العالمية المعاصرة المتصلة بالبيئة. وقد ابتعد الكتاب بطرحه لحلّ هذه المشكلات عن الحلول التقنيّة، واستبدلها بأطروحات حول إعادة إحياء المعارف الأصليّة للشعوب، وإعادة العلاقة بالأرض والروح والحياة، وبحركات المقاومة البيئيّة. قد نختلف أو نتفق مع كثير ممّا يطرحه الكتاب، خاصة فيما يتعلّق بالحلول المقترحة وإمكانيّة تحقيقها، لكن المتّفق عليه أن هذا العمل يتمايز عن كثير من مؤلفات مسألة المناخ، بأنّه نص يقدم قراءة أدبية ممتعة، تذكّرك بأنه لا يمكن لنا مواجهة وفهم أزماتنا المعاصرة دون تفكيك جذورها التاريخية والجيوسياسية، وتأكيد الحاجة إلى رؤية شمولية تجعل من العدالة والمساواة عناصر أساسية في أي حل مستدام.
|
تعليقات
إرسال تعليق